الانتقادات التي وجهت إلى سياسة التخطيط الحضري بالهند.. إعادة النظر في عملية تقسيم القطاعات الحضرية والتي خلقت جوا من التهميش والتمييز بين السكان ونشاطاتهم المختلفة



بالرغم من كونها وسيلة أساسية في التسيير الحضري، فإن التخطيط الحضري عرف بدوره انتقادات كثيرة من قبل الخبراء والمهتمة بهذه المسألة منذ بداية الثمانيات، تتلخص فيما يلي:
- ثقل إجراءات الإعداد والمصادقة.
- المشاركة الشكلية للفاعلين الاجتماعيين.
- ضرورة إعادة النظر في عملية تقسيم القطاعات الحضرية، والتي خلقت جوا من التهميش والتمييز بين السكان ونشاطاتهم المختلفة.

والمخططات المعدة أدوات غير مرنة، تعتمد على معايير غربية لا تنطبق على الواقع المحلي والحقائق الإجتماعية (45% من سكان بومباي تقطن مساكن غير قانونية، وخارجة عن نكاق معايير التعمير المعتمدة، مما جعل تلك المخططات غير قادرة على إعادة تأهيل تلك المناطق السكنية المهمشة والمنتشرة عبر المدينة).

تزايد كلفة البناء وانجاز السكنات، حيث لا تقل كلفة مسكن مساحته 50م2 عن 97000 روبية (1روبية=0.20 ف.فرنسي سنة 1991)، وهو ما حدا بالكثير من السكان، بما فيهم المنتمون إلى شريحة الطبقة الوسطى إلى السكن في المساكن القصديرية، لعدم قدرتهم على دفع المستحقات (حتى بصيغة البيع بالإيجار فإن الأجرة السكنية سنة 1991 تناهز 850 روبية، أي 2400 دج بالنسبة لنفس الفترة).

هذا الأمر، أثر على التنمية الحضرية بشكل ما، خاصة إذا علمنا ما يصاحب تلك المساكن القصديرية من أمراض ومشاكل اجتماعية، كثيرا ما طبعت صورة المدن الهندية في العالم.

انعدام صلة وثيقة وتكاملية بين التخطيط الحضري والتخطيط الإقتصادي، أي أن المخططات التنموية الخماسية لا تعتمد في كثير من الأحيان على ما هو مبرمج في مخططات التعمير، وهو ما يلح عليه الخبراء المحليون بضرورة تداركه.

هذه الرؤية تدعمه النجاح الذي عرفته مدينتين في الهند، شكلت في الواقع استثناءا متميزا؛ إنهما مدينتي كالكوطا ومادراس.

حيث اعتمدت الأولى منذ 1977/1978 على مخططات التعمير كأساس لمخططات ميزانياتها الخماسية وبمساعدة مالية من البنك العالمي (Calcutta Metropolian Development Authority)، والأمر ذاته انتهجتة مدينة مادراس منذ 1961 (Madrass Metropolian Development Plan)، كمجال للتنمية الحضرية.

وتعتبر هاتين المدينتين من الحالات الناذرة في الهند في وضع الصلة بين التعمير والأداتين العمليتين المستعملتان في الهند حاليا: البرنامج والمشاريع.

وتخلص الدراسة إلى اعتبار التشاور حول مخطط التعمير، هو في نفس الوقت وسيلة لظهور آراء وأفكار جديدة قد تترجم يوما ما إلى تدابير قانونية.

وهكذا كانت مراجعة مخططات التعمير لبومباي سنة 1985 مناسبة للتعبير عن ضرورة الحفاظ على تراث المدينة، بإدخال مبدأ حماية الأحياء القديمة، وليس فقط المعالم التاريخية.

يبقى وأن التخطيط الحضري في الهند، لم يعد مركز اهتمام المسؤولين المحليين، حيث وجهت الاهتمامات في إطار اصلاح السياسات الحضرية نحو طرق تمويل السكن واكتساب العقارات وتدعيم الميزانيات المحلية والتسيير البلدي.