محاور التنمية العمرانية وأساسها النظري.. ترجمة تطبيقية لنموذج التنمية الإقليمية الذي استحدث لمواجهة المشاكل الحقيقية للتنمية الإقليمية في الحيز الجغرافي



تمثل محاور التنمية العمرانية مدخلا أكثر شمولية لتحقيق التنمية المتوازنة. هذا وقد تبين من دراسات الوضع الراهن للتنمية العمرانية بالمملكة العربية السعودية أن المواءمة بين كفاءة استخدام الموارد والتنمية المتوازنة لا يمكن أن تتحقق ما لم ينظر إلى أجزاء الحيز الوطني بصورة أشمل، وما لم يتم الانتشار الجغرافي للتنمية بصورة تدريجية من المراكز الحضرية المتطورة إلى المناطق القريبة الأقل نموا. وأن محاور التنمية هي أفضل السبل لتحقيق ذلك الانتشار في ظل الأوضاع الراهنة. وتبين أنه يوجد تركز في الأنشطة الاقتصادية والسكان في ثلاثة محاور رئيسية قائمة، وهي محور المنطقة الشرقية ومحور المنطقة الوسطى ومحور المنطقة الغربية، مما يؤيد ملاءمة مفهوم محاور التنمية لظروف المملكة.
ومحور التنمية هو الحيز المكاني الذي تتوفر فيه مقومات تنويع الأنشطة الإنتاجية والخدمية، وتشمل هذه المقومات وجود المستوطنات والتجمعات السكانية ذات الأحجام المختلفة وطرق المواصلات التي تربط بينها والمرافق والخدمات والأنشطة الاقتصادية المتنوعة التي يمكن أن تساند بعضها البعض بما يضمن استمرارية التنمية على المدى الطويل وانتشارها تدريجيا من المناطق الأكثر نموا إلى المناطق الأقل نموا من خلال التسلسل الهرمي للتجمعات السكانية.
ويتمثل الأساس النظري لمحاور التنمية في أنها ترجمة تطبيقية لنموذج التنمية الإقليمية الذي استحدث لمواجهة المشاكل الحقيقية للتنمية الإقليمية في الحيز الجغرافي، وأهمها نمو المدن الكبرى على حساب المناطق المجاورة، وذلك نتيجة لقدرة المدن الكبرى على جذب فرص التنمية من المناطق المجاورة Back Wash Effects. وقد بنى هــذا النمــوذج، الــذي يأخـذ في الاعتبار تداخل العلاقات بين المراكز الحضرية والمناطــق الريفية، على أهمية توجيه التنمية لنقط توطن Location Points في الحــيزات الجغرافيــة بـين المدن الكبرى من خلال مراكز للتنمية تمثل نقط تركز Nodal Points يتم من خلالها تفاعل التنمية في الحيز المكاني لمحور التنمية.