المدن الجديدة: استغلال الموارد الطبيعية الكامنة.. استغلال موارد طبيعية كامنة وتحقيق توزيع مكاني أكثر انتشارا للسكان في مناطق غير مأهولة



إن ما يحاول تحقيقه المخططون من المدن الجديدة هو استغلال موارد طبيعية كامنة وتحقيق توزيع مكاني أكثر انتشارا للسكان في مناطق غير مأهولة، وذلك نظرا لقدرة وفاعلية هذه المدن على تحقيق هذه الأهداف. واستنادا إلى ذلك فإن معظم مدن المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية التي نشأت أساسا بمواقع آبار البترول بهدف استخراجه مثل الظهران والخبر وأبقيق ورأس تنوره، وكذلك مدن المنطقة الشمالية التي نشأت كتجمعــات سكنيــة لصيانــة محطــات ضــخ البترول التي بــدأت تعمــل في عام 1951م على امتداد خط التابلاين الممتد من القيصومة بالمنطقــة الشرقية بالمملكة العربية السعودية إلى ميناء صيدا على الساحــل اللبناني مثل عرعــر وطريف ورفحاء، كلها تعتبر مدنا جديدة.
وفي البداية لم تزد أعداد قاطني هذه التجمعات السكانية الثلاث عن بضعة مئات، إلا أن النشاطات المتزايدة قد جذبت أعداد كبيرة من العاملين إلى مواقع المحطات ونشطت التجارة ووفرت الدولة الإدارة والأمن والخدمات، وكان لإنشاء الطريق الموصل بين هذه المحطات دور رئيسي في خلق شريان تجاري حيوي يربط الأردن وسوريا ولبنان بشرق المملكة.
ووفقا لبيانات آخر تعداد لعام 1413هـ (1992م) نمت كل من التجمعات السكانية لعرعر وطريف ورفحاء لتصبح مدنا متكاملة ذات أحجام متوسطة حيث بلغ سكان مدينة عرعر 108 ألف نسمة وأصبحت عاصمة لمنطقة الحدود الشمالية تتوافر فيها جميع الخدمات التي تدعم نشر التنمية في المناطق الشمالية بالمملكة (الجدول رقم 1). ويرجع النمو الهائل نسبيا في حجم سكان مدينة عرعر إلى وظائفها الإدارية والتجارية المهمة حيث اختيرت كعاصمة إدارية ومقرا لإمارة منطقة الحدود الشمالية، وبالتالي زودت المدينة بالخدمات التي تتسم بالمركزية كالخدمات التعليمية والصحية والإدارية. ولم تعد تعتمد هذه المدن على خط أنابيب البترول الذي توقف في نهاية السبعينيات نتيجة القلاقل السياسية في لبنان. وتقع هذه المدن على امتداد الطريق المعبد الذي يبلغ طوله 840 كم ويربط المملكة بالأردن وسوريا ولبنان وتركيا.
المدينة
1962
1974
1992

معدل النمو
عرعر

9000
33,351
108,055

8,5%
طريف
7000
12,449
32,022

5,2%
رفحاء
4000

15,703
30,135

6,9%
المصدر: 1962م، دوكسيادس، المنطقة الشمالية، الأوضاع الراهنة.
وبفضل منظومة مدن خط التابلاين الجديدة تحول إقليم الحدود الشمالية من امتداد شبه صحراوي إلى منطقة معمورة ومرتبطة وظيفيا بباقي أجزاء المملكة. وأصبحت هذه المدن نقاط تركز Node Points على امتداد أحد أهم محاور الطرق الدولية التي تربط المملكة بالدول الشمالية، وأصبح لهذه المدن دور فعال كمراكز خدمة ونمو للمناطق المحيطة.. ولاشك أن المحرك الأساسي الذي دفع بازدهار هذه المدن هو سياسة الدولة ومخططاتها التنموية التي غذت هذه المدن بالوظائف والهياكل الحضرية الأساسية. وتعتبر تجربة مدن التابلاين من التجارب الناجحة في نشر التنمية وإعمار المناطق غير المأهولة في الحيز المكاني الوطني.