ما هي أقسام الإيجاز؟.. إيجاز قصر وإيجاز حذف. إيجاز البلاغة بتضمين المعاني الكثيرة في ألفاظَ قليلة من غير حذف. حذف شيء من العبارة لا يخلّ بالفهْم عند وجودِ ما يدل على المحذوف من قرينة لفظية أو معنوية



أقسام الإيجاز:

ينقسمُ الإيجازُ إلى قسمينِ: إيجازُ قصرٍ وإيجازُ حذف:

إيجازُ القصرِ:

«و يسمَّى إيجازَ البلاغةِ»: يكونُ بتضمينِ المعاني الكثيرة ِفي ألفاظَ قليلةٍ من غيرِ حذفٍ، كقوله تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) [البقرة/179]، فإنَّ معناهُ كثيرٌ، ولفظهُ  يسيرُ، إذِ المرادُ بأنَّ الإنسانَ إذا علم أنه متى قتلَ قُتلَ  امتنعَ عن القتلِ، وفي ذلك حياتُه وحياةُ غيره، لأنَّ القتلَ أنفَى للقتلِ وبذلك تطولُ الأعمارُ، وتكثرُ الذريةُ، ويقبِلُ كلُّ واحدٍ على ما يعودُ عليهِ بالنفعِ، ويتمُّ النظامُ، ويكثرُ العمرانُ، فالقصاصُ  هو سببُ ابتعادِ الناسِ عن القتلِ، فهو الحافظُ للحياةِ.

و كقوله تعالى: {.. وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} (72) سورة الفرقان، فإنَّ مقتضَى الكرامةِ في كلِّ مقامٍ شيءٌ، ففي مقامِ الإعراض: الإعراضُ، وفي مقامِ النهي: النهيُ، وفي مقام النصحِ: النصحُ، وهكذا.. وهكذا..

 وهذا القسْمُ مطمحُ نظرِ البلغاءِ، وبه تتفاوتُ أقدارُهم، حتى أنَّ بعضَهم سُئلَ عن (البلاغةِ) فقال: «هي إيجازُ القصرِ».

إيجازُ الحذفِ:

يكونُ بحذف شيءٍ من العبارةِ لا يخلُّ بالفهْم، عند وجودِ ما يدل ُّعلى المحذوفِ، من قرينة لفظيةٍ أو معنويةٍ، وذلك المحذوفُ يمكن أنْ يكونَ:

1- حرفاً:

كقوله تعالى: (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا [مريم/20]) – أصلُه: ولم أكنْ.

2- اسماً مضافاً:

نحو قوله تعالى: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ [الحج/78]) أي: في سبيلِ الله.

3- اسماً مضافاً إليه:

نحو قوله تعالى: (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ [الأعراف/142]) أْي: بعشر ليالٍ.

4- اسماً موصوفاً:

كقوله تعالى: (وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا) [الفرقان/71]) أي: عملاً صالحاً.

5- اسماً صفةً:

نحو قوله تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ) [التوبة/125] أي: مضافاً إلى رجسِهم.

6- شرطاً:

نحو قوله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران/31] أي: فإنْ تتبعوني.

7- جوابَ شرط:

نحو قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الأنعام/27] أي: لرأيتَ أمراً فظيعاً.

8- مسنَداً:

نحو  قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) [العنكبوت/61] أي: خلقهُنَّ اللهُ.

9- مسنداً إليهِ:

كما في قول حاتم الطائي:
أَمَاوِيَّ ما يُغْنِي الثَّرَاءُ عنِ الْفَتَى + إذا حَشْرَجَتْ  يوْماً وضاقً بها الصَّدْرُ
أي  إذا حشرجتِ النفسُ يوماً.

10- مُتعلِّقا:

نحو قوله تعالى: (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ  [الأنبياء/23]) أي عمّا يفعلونَ.

11- جملةً:

نحو قوله تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ [البقرة/213]) أي فاختلُفوا: فبعثَ.

12- جُمَلاً:

كقوله تعالى: (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ [يوسف/45، 46])، أي فأرسلوني إلى يوسفَ لأستعبرَه الرؤيا، فأرسلوه فأتاه، وقال له: يوسفُ أيها الصِّدِّيقُ.

أسباب الإيجاز:

واعلم أنَّ دواعيَ الإيجازِ كثيرةٌ- منها الاختصارُ، وتسهيلُ الحفظ وتقريبُ الفهم، وضيقُ المقام، وإخفاءُ الأمر على غير السَّامع، والضجرُ والسآمةُ، وتحصيلُ المعنى الكثيرِ باللفظ اليسيرِ – الخ.

مواضع استحسان الإيجاز:

ويُستحسنُ «الإيجازُ» في الأمور التالية:
  • الشكرُ على النّعم.
  • الاعتذارُ.
  • الوعدُ.
  • الوعيدُ5
  • العتابُ.
  • التوبيخُ.
  • التعزيةُ.
  • شكوَى الحالِ.
  • الاستعطافُ.
  • أوامرُ الملوك ونواهِيهم.
ومرجعكَ في إدراكِ أسرارِ البلاغةِ إلى الذوقِ الأدبيِّ والإحساسِ الروحيِّ.