الفن والواقع عند شوبنهاور.. الجانب الجمالي ظاهرة من ظواهر الذهن تعتمد على الخصائص المميزة للفرد الذي يدركها والفن محرر أو مطهر للعقل



حسب رأي "أرتورشوبنهاور" كل ما يعرفه الإنسان يكمن داخل وعيه، هذا على الرغم مما قد يفترض من وجود ذات عارفة، وثوابت خالدة، خلف هذا التدفق للخبرة.

فالتحليل البسيط يكشف لنا عن أن الذات هي لاشيء دون وعي، وأن المادة لاشيء دون أحداث يتلو بعضها بعضا خلال الزمن، وأن ما يجعل هذين المفهومين (الذات والمادة) يكتسبان الحياة، ويصبحان مفعمين بالمعنى هو تلك القوة الكونية التي تبث الحياة فيهما، والتي يطلق عليها "شوبنهور" اسم "الإرادة"، إنها الشيء في ذاته، إنها ليست الذات القائمة بالإدراك، ولا المادة المدركة، لكنها الشيء الذي يتجلى كل من الذات والإرادة من خلاله.

والجانب الجمالي في رأيه "ظاهرة من ظواهر الذهن" تعتمد على الخصائص المميزة للفرد الذي يدركها، لكنها ظاهرة تكون لافتة في اكتمالها وتوافقها، والفن محرر أو مطهر للعقل، فهو يسمو بنا إلى لحظة تعلو على قيود الرغبة، وتتجاوز حدود الإشباع.

والرغبة والإشباع من الشروط الملازمة والمألوفة في الحياة العادية. فمن خلال الفن تجد الإرادة الإنسانية، التي لا تهدأ ولا يقر لها قرار، حالة مؤقتة من الهدوء.

يشير "شوبنهاور" كذلك إلى أن المتلقي ينبغي له أن يصغي أولا إلى الحكمة العميقة التي تبوح له بها الأعمال الفنية، إنه ينبغي أن يستمع إلى حديث العمل الفني إليه، قبل أن يتحدث هو إليه.

فالاستمتاع الجمالي إذن حالة مشاركة، أو تعاون بين العمل الفني والمتلقي. هذا هو الشرط الأساسي لحدوث الأثر الجمالي، ومن ثم هو أيضا القانون الجوهري فيما يتعلق بالاستمتاع بكل الفنون الجميلة. أفضل ما في الفنون.

تلك الجوانب فائقة الروحانية فيها، وبحيث إنها تمنح نفسها للحواس على نحو مباشر، إنها يجب أن تولد أو تحدث في خيال المتلقي، ورغم كونها تولد أو تنتج أولا من خلال العمل الفني.