وضع الخطاب الإشهاري.. الاعتماد على نظام لغوي مخصوص صوتيا وتركيبيا ومعجميا متفق عليه بين المرسل والمرسل إليه ضمانا لفاعلية التواصل وتوفيقه



يقوم الخطاب على نظام لغوي مخصوص صوتيا وتركيبيا ومعجميا متفق عليه بين المرسل والمرسل إليه ضمانا لفاعلية التواصل وتوفيقه من حيث هو فعل كلامي هدفه إقناع بشر بضرورة الوصول إلى الهدف.

ومما يميز الخطاب بين اتلأطراف المشاركة غلبة الحوار، وتدفق صيغه بين الزوجة وبشر والعام والفارس الابن.

وهنا تبرز وظيفة اللغة الشارحة (الواصفة) ممثلة في بعض التراكيب السردية  في بنية الإستهلال والخاتمة وفي القصيدة التي تتماهى مقاطعها الوصفية مع الحدث السردي العام.

ولعل من النصوص التراثية التي نحت منحى إشهاريا حجاجيا ماورد في جمهرة خطب العرب، مما يمكن أن يكون وغيره نموذجا للإشهار في المدونة العربية بوصفه تقنية إقناعية وأسلوبا حجاجيا يهدف إلى استمالة المتلقي وزرع الثقة في قلبه ليقبل على المرغوب بكل حيوية وأمان.

فقد ذكر أنه لما بلغ الحارث بن عمرو ملك كندة خبر جمال أم إياس بنت عوف الشيبانية أرسل إمرأة تدعى عصام الكندية لتتعرفها عن قرب.

فلما حدث الاتصال بين هذه المرأة وأم إياس التي يمكن تشبيهها هنا بالبضاعة استطاعت أن تكون خطابا أدبيا واصفا مفعما بالاستمالة وإثارة الإعجاب عنوانه (ترك الخداعَ من كشف القناع) ثم نقلته إلى المتلقي بعد أن نفذت بتجربتها إلى عميق نفسه، مخترقة أفق انتظاره، قاصدة بذلك تزيين المخطوبة في خياله، واستمالة رغبته إليها، قائلة: رأيت جبهة كالمرآة الصقيلة، يزينها شعر حالك، كأذناب الخيل المضفورة، إن أرسلته خلته سلاسل، وإن مشطتْه قلت عناقيد كرْم جلاها الوابل، وحاجبين كأنهما خُطّا بقلم أو سوِّدا بحمم.

على أن هذا التصوير اللغوي يقوم مقام الصورة المادية الممثلة لإمرأة جميلة تخترق بجمالها الباهر أفق توقع الملك الكندي.