حالات حذف المسند إليه.. الاحتراز عن العبث بناء على الظاهر وضيق الصدر عن إطالة الكلام واختبار تنبه السامع له عند القرينة



 خلافُ الأصلِ كما عرفتَ، لكنْ إذا كانتْ هناك قرينةٌ، وكان في حذفهِ غرضٌ رجِّحَ حذفُهُ، وأهمُّ الأغراضِ:
1- الاحترازُ عن العبثِ - بناءً على الظاهرِ -كقولهِ: (زيدٌ أتى ثمَّ ذهبَ) ولم  يقلْ (زيدٌ ذهبَ).
2 - ضيقُ الصَّدرِ عن إطالةِ الكلامِ، بسببِ ما يُعرض للمتكلِّمِ من ضجرٍ أو حزنٍ، كقول الشاعر:
قَالَ لِي كَيْفَ أنْتَ قُلْتُ عَلِيلُ      سَهرٌ دَائِمٌ وَحُزْن طَوِيلُ
 ولم يقل: (أنا عليلٌ) تضجّراً منْ علَّتهِ.
3- اتباعُ الاستعمالِ الواردِ  عن العربِ ، قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} (31) سورة سبأ، أي: لولا أنتمْ موجودونَ. ، وكقولهِم: (رميةٌ منْ غيرِ رامٍ)  أي هذهِ رميةٌ.
ونحو: نِعْم البطلُ خالدٌ: أيْ هو خالدٌ.
4- ظهورُهُ بدَلالةِ القرائن عليهِ: نحو قوله تعالى : (فَصكتْ وجْهَهَا وَقَالَتْ عجوز عَقِيم) [الذاريات: 29]. أي أنا عجوزٌ.
5- إخفاءُ الأمرِ عن غيرِ الُمخَاطَبِ: نحو أقبلَ، تُريدُ عليّاً مثلاً.
6- تَيَسُّر الإنكار ِإن مَسَّتْ إليه الحاجةُ: نحو «لئيمٌ خسيسٌ» بعد ذكر شخصٍ، لا تذكرُ  اسمهُ ليتَأتَّى  لكَ  عند الحاجةِ  أن تقولَ ما أردتُهُ ولا قصدتُهُ.
7- الحَذرُ من فواتِ فرصةٍ سانحةٍ: كقولِ مُنَبِّهِ الصَّياد: «غَزالٌ»، أيْ: هذا غزالٌ.
8- اختبارُ تَنبُّهِ السامعِ له عندَ القرينةِ، أو مِقدارُ تَنبُّهه: نحو نُورهُ مُسْتفادٌ من نورِ الشمسِ، أو هو واسطةُ عِقدِ الكواكبِ  أيْ «القمرُ» في كلٍّ منَ المثالينِ.
9- المحافظةُ على السَّجَعِ نحو: منْ طابَتْ سريرتُهُ، حُمِدَتْ سيرتُهُ
10- الُمحافظةُ على قافيةٍ كقول لبيد :
وما المالُ والأهْلُونَ إلا ودَائعٌ             ولاَبُدَّ يوماً أن تُرَدَّ الوَدائعُ
11- الُمحافظةُ على وزنٍ كقول الشاعرِ :
على أنّني راضٍ بأنْ أحْمِلَ الهَوى ... وأخْلُصَ منْهُ لا عليّ ولا لِيا
12- كونُ المسندِ إليه مُعيّناً معلوماً حقيقةً نحو قوله تعالى : (عالمُ الغَيْبِ والشَّهادة)[الأنعام: 73، التوبة: 94] أي اللهُ، أو معلوماً ادَّعاءً ، نحو:  وهَّابُ الألوفِ أيْ فلانٌ.
13- إشعارٌ أنَّ في تركهِ تَطهيراً لهُ عن لسانِك، أو تطهيراً للسانكَ عنهُ، مثالُ الأولِ: (مُقَرِّرٌ للشرائعَ مُوَضحٌ للدّلائلَ) تريدُ صاحبَ الشريعةِ ،  ومثالُ الثاني  قوله تعالى عن الكفار: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ} (18) سورة البقرة .
14- تكثيرُ الفائدةِ: نحو قوله تعالى : {.. فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} (18) سورة يوسف ، أي فأمرِي صَبرٌ جميلٌ.
15- تَعيُّنهُ بالعهديّةِ: نحو قوله تعالى : (وَاسْتَوتْ على الْجُودِيِّ)(97)[هود: 44] أي السّفينةُ ، ونحو قوله تعالى : {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} (32) سورة ص، أي الشمسُ.
 وغير ذلكَ ، ومرجعهُ  إلى الذوقِ الأدبيِّ: فهو الذي يُوحِي إليكَ بما في القولِ من بلاغةٍ وحسنِ بيانٍ.