أماكن تواجد الجن.. مغارة مولاي بوسلهام. مغارة سيدي بويندر بدمنات وسيدي شمهاروش عند قدم جبل توبقال بالاطلس الكبير ومغارة تخرداشت في برانس تازة



ما دام الجن مسؤولا عن إصابة البشر بالمرض، فليس ثمة علاج طبيعي أفضل من الذهاب إلى أماكن إقامة الجن نفسها لتوسل الشفاء، كما يقول عالم الاجتماع المغربي الراحل بول باسكون.

ولذلك تعتبر المغارات أماكن مفضلة و معروفة للعلاج من مسافات بعيدة، وتتم الإقامة فيها لحل كل أنواع الصعوبات النفسانية والبدنية (,,,) حيث ترتبط أهم الإصابات التي تعالج فيها بالنفس أو تبدو كذلك: صرع، انفصام الشخصية، جنون بصفة عامة؛ أي الأمراض التي يقال عن المصابين بها انهم مسكونون، لكن تتم زيارتها أيضا لعلاج اختلالات الخصوبة: «عقم، إجهاض متكرر، البحث عن المولود الذكر...

إن تقديس هذه المغارات أو بالأحرى تقديس الأرواح التي تسكنها هو من أقدم المعتقدات التي أعتنقها المغاربة، في مراحل تاريخية سحيقة، وسابقة على ظهور وانتشار الأديان.

وقد اشتهرت الكثير من المغارات في المناطق الجبلية أو بالقرب من السواحل، بخصائصها العلاجية، التي تأسست على أسطورة.

ومن أشهر تلك المغارات التي يقصدها المغاربة قصد العلاج، نذكر مغارتي جبل العلم القريبتين من ضريح مولاي عبد السلام بن مشيش في شمال المغرب الغربي,

حيث يشرب الزوار في إحداها ماء الصخرة التي «تبكي»، لشفاء العديد من الأمراض, وتقول الأسطورة إن الماء الذي كان يستعمله الولي قبل قرون للوضوء، لا يسيل من تلك الصخرة إلا حين تردد النسوة لحنا معروفا لديهن لوحدهن.

وهناك أيضا مغارة مولاي بوسلهام في المغرب التي يشرب المرضى رشح الماء المتقاطر من هوابطها، على أساس انه حليب صوفي يعالج بعض الأمراض أهمها تلك التي تصيب الأمعاء.

كما تشتهر مغارات أخرى بقدرتها على علاج الأمراض كمغارة سيدي بويندر بدمنات وسيدي شمهاروش عند قدم جبل توبقال بالاطلس الكبير ومغارة تخرداشت في برانس تازة.

«ولا تقل بعض عيون الماء شهرة من حيث خصائصها العلاجية، عن المغارات وفي مجتمع سهل التصديق كمجتمعنا، يكفي أن تروج إشاعة عن «اكتشاف» خصائص سحرية صدفة في مياه عين معروفة كي تشد إليها الوفود الرحال من كل حدب و صوب، لتنهل من مائها الشافي.

وكما أن للمغارات أساطيرها، فإن لكل عين ماء مقدسة أسطورتها الخاصة، فسيدي يحيى بن يونس في وجدة و هو من أندر الأولياء في المغرب الذين يحظون بتقديس المسلمين واليهود على السواء.

تقول الأسطورة إنه كان معاصرا للسيد المسيح، وأنه دفن نفسه بنفسه,, لكن، قبل ذلك ضرب الأرض و خرجت منها عين يستعمل ماؤها لعلاج العقم عند النساء، أما عندما تكون عين الماء حارة، لاسيما إذا كانت مذابة في مياهها رواسب كبريتية، فإنها تكون بالضرورة مكانا مفضلا لتواجد الجن، فالكبريت و الحرارة و الماء كلها عناصر لها خصائص سحرية تشفي فضلا عن أمراض الجلد، مرض الزهري (أو النواربتعبير العامة، التي تعتقد في مسؤولية الجن في الإصابة به).

وأكثر عيون الماء الحارة والكبريتية شهرة بالمغرب تلك التي انشأت حولها حامة و قرية مولاي يعقوب قرب فاس.

تخرج المياء الكبريتية من عيون حارة محملة ببركة مولاي يعقوب لتعالج الأمراض الجنسية و الجلدية، فتتجمع تلك المياه شديدة الحرارة في مسبح، جرت العادة أن لا يدخله المستحم إلا وهو ينطق عبارة (بارد و سخون يا مولاي يعقوب), و هذا الاحتماء ببركة الولي حامي المكان، في اعتقاد العامة، هو الذي يحول سخونة الماء التي لا تطاق إلى برودة تحتملها الأجسام المستحمة، الباحثة عن علاج.

وعندما يجتمع بخار الماء الحار و الكبريت، فإن معنى ذلك أن المجال حيوي و مثالي لتواجد الجن كما أسلفنا، وهو في حامة مولاي يعقوب في خدمة الولي بل تذهب الأسطورة إلى أن عفريتا يدعى سيدي بلال، وكان عبدا في خدمة مولاي عبد القادر الجيلاني، هو الذي يقوم بتسخين الماء المتدفق من العيون الكبريتية، بعد أن أصابته لعنة مولاي عبد القادر.