البناء المسرحي: الوحدات الثلاث
مقدمة:
تُعدّ المسرحية فناً قديماً قدم الحضارة الإنسانية، حيث تُجسّد القصص وتُثير المشاعر وتُحفّز التفكير. ولتحقيق ذلك، يستخدم المسرحيون تقنيات وبنى محددة، من أهمها "الوحدات الثلاث" التي وضعها أرسطو في كتابه "فن الشعر".
ما هي الوحدات الثلاث؟
- وحدة الزمن: يجب أن تدور أحداث المسرحية في إطار زمني لا يتجاوز اليوم الكامل.
- وحدة المكان: يجب أن تدور الأحداث في مكان واحد، أو في أماكن محدودة داخل مدينة واحدة.
- وحدة الموضوع: يجب أن تدور المسرحية حول موضوع واحد محدد، وتساهم جميع المشاهد والمواقف والأحداث في إبرازه.
أهمية الوحدات الثلاث:
- تركيز المشاهد: تساعد الوحدات الثلاث على تركيز انتباه المشاهد على القصة والشخصيات، دون تشتّته بكثرة الأحداث والأماكن.
- وحدة التأثير: تُساهم الوحدات الثلاث في خلق وحدة وتناسق في التأثير العاطفي للمسرحية على المشاهد.
- سهولة التّلقّي: تُسهّل الوحدات الثلاث على المشاهد فهم المسرحية وتفسير أحداثها.
هل تُطبّق الوحدات الثلاث في جميع المسرحيات؟
لا تُطبّق الوحدات الثلاث بشكل صارم في جميع المسرحيات. فمع مرور الزمن، ظهرت مسرحيات تخالف بعض هذه الوحدات، خاصةً مع ظهور المسرح الحديث.
- مسرحيات تتجاوز وحدة الزمن: بعض المسرحيات تمتدّ أحداثها على فترة زمنية أطول من يوم واحد، مثل مسرحية "روميو وجولييت" لشكسبير.
- مسرحيات تتجاوز وحدة المكان: بعض المسرحيات تدور أحداثها في أماكن متعددة، مثل مسرحية "الملك لير" لشكسبير.
- مسرحيات تتجاوز وحدة الموضوع: بعض المسرحيات تتناول أكثر من موضوع واحد، مثل مسرحية "البستان الأخير" لتشيخوف.
مُبرّرات تجاوز الوحدات الثلاث:
- الحرية الإبداعية: يرى بعض المسرحيين أنّ تجاوز الوحدات الثلاث يُتيح لهم حرية إبداعية أكبر للتعبير عن أفكارهم ورؤيتهم.
- تعقيد الواقع: يرى بعض المسرحيين أنّ الواقع أكثر تعقيدًا من أن يُحصر بوحدات محددة، وأنّ تجاوز هذه الوحدات يُساهم في تمثيل الواقع بشكل أكثر دقة.
- جذب المشاهد: يرى بعض المسرحيين أنّ تجاوز الوحدات الثلاث يُضفي تنوعًا وتشويقًا على المسرحية، ويُساهم في جذب انتباه المشاهد.
خاتمة:
تُعدّ الوحدات الثلاث مبدأً هامًا في البناء المسرحي، ولكنها ليست قواعد صارمة يجب الالتزام بها بشكل أعمى. فمع مرور الزمن، ظهرت مسرحيات تخالف بعض هذه الوحدات، ممّا أدّى إلى تنوع وتطور في الفن المسرحي.
