الرسائل الديوانية في العصر العباسي.. ما كان يصدر من الخليفة أو الوزير أو غيرهما من مسؤولي الدولة من رسائل في تصريف أمور الدولة



الرسائل الديوانية في العصر العباسي:

تعريفها:
هي ما كان يصدر من الخليفة أو الوزير أو غيرهما من مسؤولي الدولة من رسائل في تصريف أمور الدولة.

صفات الكاتب لهذا النوع:
أن يحيط بالعلوم العربية والشرعية وذلك حتى يجود كتابته.

مميزات الرسائل الديوانية:
1- الوضوح.
2- الجمال الفني.

أشهر الكتاب:
1- يحيى البرمكي.
2- جعفر بن يحيى البرمكي.
3- الفضل بن سهل.
4- الحسن بن سهل.

وتعد الرسائل الديوانية أكثر المصادر أصالة لتأريخ الدول الإسلامية، ولم يصل إلينا منها إلا القليل، ومعظمه وصل على شكل رسائل جمعت كنماذج للبلاغة أو نماذج لكُتّاب الدواوين ليتخذوها أصولاً يطوروا عليها في ترسيلهم.

والرسائل عظيمة الفائدة لولا تصرف الجُمّاع بنصوصها ما أفقدها الكثير من قيمتها التاريخية، ومنها رسائل عبد الحميد الكاتب، ورسائل الصابئ، ورسائل نظام الملك، ورسائل العلاء ابن الموصلايا التي تعد من أهم الوثائق التاريخية لدراسة الخلافة العباسية في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي، بما أنها وثائق الخلافة نفسها.

وهي عبارة عن رسائل وعهود أنشأها ابن الموصلايا عن الخلفاء العباسيين الذين كتب لهم، إلى سلاطين السلاجقة ووزرائهم، وأمراء الولايات الإسلامية التابعة للخلافة العباسية، مثل المرابطين والغزنويين والعقيليين والمروانيين، بالإضافة إلى عهود ولاة العهود، ووزراء الخلفاء، وقضاة القضاة، ونقباء الأشراف، وبطاركة النصارى، وبعض الرسائل الخاصة بابن الموصلايا.

ووصل إلينا الجزء الثاني من رسائل ابن الموصلايا، إضافة إلى بعض الرسائل التي وردت في المصادر التاريخية.
وإذا قسنا ما وصل إلينا من الرسائل مع الفترة الزمنية الطويلة التي قضاها العلاء رئيساً لديوان الإنشاء، والتي تزيد عن خمسين سنة، نتبين أن المفقود منها يشكل نسبة كبيرة تزيد على الموجود.

فإذا أضفنا إلى ذلك أن ما وصل إلينا من المخطوط هو الجزء الثاني منها فقط، بالإضافة إلى الإشارات الواردة في المصادر، والتي تدل على إنشاء ابن الموصلايا للكثير من الرسائل، والتي لم ترد في المخطوط، ازداد يقيننا بما نرجح.

وشملت الرسائل الموجودة في المخطوط فترة تمتد من سنة 1059م إلى سنة 1097م، ويعود معظمها إلى عهد الخليفة القائم بأمر الله.
ويبدو أن السبب يعود إلى كثرة أحداث عهد القائم بأمر الله سواء من ناحية الفتن الداخلية وتوسع نفوذ الخليفة، أو الانتصارات الخارجية، أو الصدام بين الإدارتين العباسية والسلجوقية في العراق.

وتنوعت موضوعات الرسائل، فشملت عهد القائم بأمر الله لحفيده المقتدي بأمر الله بوراثة الخلافة من بعده وعهود الوزراء، والنقباء، والجثالقة، وصاحب الأندلس، بالإضافة للرسائل الموجهة للسلطان طغرلبك، والسلطان ألب أرسلان ووزيريهما، وهي متعلقة بشكاوى الخلفاء من الإدارة السلجوقية في بغداد، والاعتراض على تدخلات السلاجقة في الإدارة العباسية، وبخاصة تعيين الوزراء وعزلهم، والتهاني على الانتصارات التي حققها السلاجقة ضد القوى الإسلامية الخارجة عن طاعة الخليفة، أو القوى النصرانية المحيطة بدار الإسلام، والتوسط في عقد الهُدن بين السلاجقة والبيزنطيين.

وقد قدمت الرسائل في ثناياها معلومات قيمة عن أساليب الكتابة الإنشائية في القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي، وآداب مكاتبة الخلفاء، فالخليفة لا يكاتبه السلاطين والأمراء ومن هم دونهم إلا بأسمائهم المجردة؛ «واعتمد مكاتبة حضرة أمير المؤمنين متسمياً، ومن عداه متلقباً متكنياً».

وحوت الرسائل الرؤية العباسية لمشروعية خلافتهم، وأُسسها المستمدة من الأحاديث النبوية، ومظاهر سيادة الخليفة، ومشروعية منصب السلطنة، وصلاحيات السلطان، ومظاهر سيادته.

وتضمنت الرسائل الكثير من الألقاب التي تعود إلى تلك الفترة، وكيفية تطورها وأسباب منحها.
كما حفظت الكثير من المصطلحات المتداولة في تلك الفترة.
ورغم تلك الأهمية التاريخية الكبيرة للرسائل، لا بد من أن نشير إلى بعض الملاحظات العامة عليها، ومنها: أنها رسائل رسمية وبالتالي فإن ما بها من معلومات تتعلق بالأحداث السياسية وبخاصة ما يتعلق بالقوى المعادية لها غير مبرأ من الانحياز.

تحمل الرسائل في طياتها لغة دبلوماسية في بعض الأحيان تخفي سوء العلاقات بين الخلفاء والمرسل إليهم، فتبدو العلاقات بينهم و كأنها جيدة، في حين أنها متوترة وسيئة.

الرسائل وبخاصة العهود منها، تصور لنا المثال الذي يجب أن تسير عليه الأمور، لا سيرها الحقيقي، وهناك بون شائع بين المثال والواقع. وتنبه المؤرخون الأوائل إلى أهمية رسائل العلاء ابن الموصلايا، واستخدموها مصدراً تاريخياً يعضد غيره من المصادر الأخرى التي اعتمدوها لتأريخ عصر السلاجقة، فأوردوا بعض الرسائل في شكل كامل، وبعضها الآخر مقتصر على تحقيق الغاية التي أرادوها.

ومن أوائل من استخدمها محمد بن هلال الصابئ، وابن الجوزي، والحسيني، وماري بن سليمان، وابن العديم، وسبط ابن الجوزي، والقلقشندي، ونقلها بعضهم من وثائق الديوان العباسي، ونقلها البعض الآخر من الرسائل المجموعة التي كانت متداولة في عصرهم.