الانسان العربي والمستقبل.. التفدم في حسن تطوير الذات وحسن تنمية الموارده وحسن بلورة المشروع الحضاري



رغم بعض التحسن و خاصة على مستوى النخبة, فان اهتمام الانسان العربي بالمستقبل ما زال متخلفا عن ما حققه هذا الاهتمام لدى البعض الاخر من تطور اشرنا آنفا الى بعض ملامحه. و بشكل عام ما زال الاهتمام بالمستقبل عند سواد الجمهور العربي بدائي الاسلوب، حيث لا يكاد يتعدى اساليب التنجيم و الرمل و الودع و قراءة الفنجان، و محدود الافق و الهدف حيث لا يكاد يتعدى افق حب الاستطلاع المشحون باحلام اليقظة والمصحوب بالميل الى الانتظار لما تأتي به الايام من مكروه لا يملك له غير الجزع او خير لم يستعد لحسن استثماره. و الاكثر من ذلك أن هذا الانسان سعى احيانا لادلجة او تبرير موقفه الانتظاري / الاسستسلامي من المستقبل استنادا الى مفاهيم و معتقدات خاطئة كالجبرية و القدرية و كثيرا ما استطاب ترديد ما يزخر به الشعر العربي او الامثال العربية من اقوال تكرس، او يفهمها على نحو يكرس، استسلاميته و عزوفه عن محاولة صنع مستقبله و ذلك من مثل:
جرى قلم القضاء بما يكون فسيان التحرك و السكون
دع الايام تفعل ما تشاء وطب نفسا اذا حكم القضاء
و من هنا فان أي حديث جاد عن مسألة مستقبل الانسان العربي لا يسعه أن يغفل التأكيد في اوله على أن معالجة هذه المسألة تتطلب بدءا ضرورة الارتفاع بمستوى اهتمام الانسان العربي بمستقبله من مستوى التوسل بالكهانة و التنجيم الى مستوى التوسل بالعلم و من مستوى الانتظار السلبي للمستقبل الى مستوى التحرك الايجابي لصنع المستقبل.
و قد يكون من الواضح، و لعله محل اجماع الكثيرين، أن مدى تقدم الانسان العربي في حسن صنع مستقبله رهن بمدى تقدمه في حسن تطوير ذاته و حسن تنمية موارده و حسن بلورة مشروعه الحضاري. بيد انه في ما وراء مثل هذه العموميات هناك امور عدة تبقى علاقتها بصنع مستقبل الانسان العربي عند السواد الاعظم غير واضحة و يكتنفها الغموض او سوء الفهم، او غائبة عن الاهتمام الفعال، او تكون محل خلاف. و من تلك الامور الصحراء.