التأثيرات الثقافية للصورة في اقتصاد الوطن العربي.. التبعية الثقافية والإعلامية واستلاب المواطن العربي وتحكم عقلية القطيع فيه



اما التأثيرات لثقافة الصورة في الاقتصاد في الوطن العربي ظل عرضة للتخلف وكذلك ما اتسم به اقتصاد بلدان العالم الثالث؛ مما طرح في المقابل، ضرورات النمو المتسارع للوتائر الاقتصادية (مشمولة فيما بعد بالوتائر الاجتماعية والسياسية)، وهي التي اصطلح على تسميتها بالتنمية، غير أن اندماج هذا النمو، وتلك التنمية في الاقتصاد العالمي - وهو اقتصاد المركز المتقدم، الأمريكي والأوروبي، أو الدولة الصناعية، أو دول الشمال - جعل اقتصادها يخدم الاقتصاد العالمي، أو ما عرف باسم التنمية الموجهة للخارج، وقوامها تغذية المركز بالمواد والخامات والنفط.
وغني عن القول بعد ذلك، أن التبعية الثقافية والإعلامية أخطر من التبعية الاقتصادية، لأن الأولى تتجه إلى رهن الإرادة القومية والوطنية، بما في ذلك استتباع القرار القومي والوطني - الذي ينبغي أن يكون مستقلاً - لهيمنة المركز، وعلى رأسه الولايات المتحدة. 
شعور المرء بأنه مبعد عن البيئة التي ينتمي إليها، فيصبح منقطعاً عن نفسه، ويصير عبداً لما حوله، يتلقى تأثيره المتمثل في إنجازات الإنسان ومواصفاته ونظم حياته، دون فعالية تذكر. والأمران يتوافقان أو يتكاملان فيما بينهما، في حالة الثقافة العربية التي تعاني التغريب، بما هو فك العرى الوثيقة بينها وبين تاريخها وتراثها، وبينها وبين وظائفها التاريخية والعضوية والنفسية.
 سيادة النزعة الغربية، أو الاحتذاء بالغرب (أوروبا والولايات المتحدة)، والثاني هو الاستلاب أو الاغتراب؛ أي خلق هوة بين المرء وواقعه، حين تغلف الذات بمشاعر الغربة والوحشة والانخلاع والانسلاخ، واللا إنتماء بعد ذلك. ، إن التطورات التي حدثت لأجهزة الفيديو والشاشات التلفزيونية الكبيرة والعريضة وأجهزة الفاكس والتلفونات المحمولة، وكل ما حدث خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين، وما بعدهما هذا كله يبدو بمنزلة الطفرة في التعامل مع عالم الصورة. (إن الثروة والسلطة، كما يقول بول فيليو، رهينتان بالسرعة، ففي المجتمع اليوناني القديم كانتا لصاحب المراكب الأسرع، وفي عصر الفروسية أصبحتا للأسرع في ركوب الخيل وفي توجيه الطعنة القاتلة لمبارزيه، وفي عصر الصناعة تحولتا للأسرع في إنتاج البضائع وتعريفها، واليوم، عصر العولمة، صارتا للأسرع في نقل المعلومات وفي التعامل مع أسواق المال. وهذه السرعة تترك آثارها الواضحة على علاقة الإنسان المعاصر بعالمه المادي. فيما كانت تلك العلاقة علاقة تماس ثم علاقة اتصال، تحولت اليوم إلى علاقة عن بعد، علاقة إيصال فالإنسان المعاصر بات قادراً ليس على مكالمة الآخر ورؤيته عن بعد فحسب، بل وأيضا الإحساس به عن بعد بفضل إمكان إمداد إدراكه بواسطة الموجات الكهرومغناطيسية للالكترونيات وعالم الصور).