الإله المختفي عند لوسيان غولدمان.. المنهج البنيوي التكويني وسوسيولوجيا المضامين والأشكال



من هو لوسيان غولدمان؟

(لوسيان غولدمان) (1913-1970) مفكر وناقد فرنسي من أصل روماني.
ولد في بوخارست، وانتقل عام 1934 إلى باريس حيث هيأ رسالة دكتوراه في الاقتصاد السياسي.

وفي عام 1940 هرب من الاحتلال الألماني لفرنسا إلى سويسرا حيث بقي في أحد معسكرات اللاجئين إلى سنة 1943 حيث توسط الفيلسوف (جان بياجيه) في تحريره وإعطائه منحة دراسية لرسالة الدكتوراه، ثم عيّنه مساعداً لـه في جامعة جنيف، حيث تأثر بأعماله حول البنيوية التكوينية.

وبعد تحرير فرنسا عاد (غولدمان) إلى باريس، وحصل على عمل كباحث في المركز الوطني للبحث العلمي.

وهيّأ رسالة دكتوراه في الأدب بعنوان (الإله المختفي: دراسة للرؤيا المأساوية لأفكار باسكال ومسرح راسين) عام 1956، فأثار بها ضجّة كبيرة في النقد الحديث في فرنسا.
ثم وضع كتابه (أبحاث جدلية) عام 1959. وكان قد نشر كتابه (العلوم الإنسانية والفلسفية) عام 1952.

البنيات الذهنية والإبداع الثقافي

وفي عام 1964 أصبح مديراً لقسم علم الاجتماع الأدبي بمؤسسة علم الاجتماع بجامعة بروكسل الحرة، فأصدر كتابه (من أجل علم اجتماع للرواية) عام 1964، ثم وضع (البنيات الذهنية والإبداع الثقافي) عام 1967، و (الماركسية والعلوم الإنسانية) عام 1970.
وكل هذه الأنشطة جعلته معروفاً كأحد ممثلي الفكر الماركسي، فترجمت أعماله إلى أكثر من عشر لغات عالمية، وشاعت تصوراته وأفكاره.

والحق أن موقفه لا يخلو من مفارقة؛ فعلى الرغم من أنه يعلن نفسه تلميذاً لماركس ولوكاش الشاب، فإن معالجته للأدب جعلت بعض الماركسيين "الأرثوذوكسيين" يصفونه بـ (التحريفية)، ويصمون منهجه النقدي بأنه (نزعة اجتماعية مبتذلة)، على الرغم من أنه استطاع أن يتجاوز مأزق البنيوية الشكلية إلى النص المفتوح على مرجعيته، من خلال أبحاثه السوسيولوجية التي جعلها الخطوة التالية للمنهج البنيوي، والتي شكلت منهجه النقدي الذي تفرّد به وأسس له.

والواقع إنه ليس من السهل تقديم وصف شامل لنشاط شخصية دينامية انطفأت -مع الأسف- وهي في أوج نشاطها النقدي، ذلك أن منهجه في تطبيق المادية الجدلية على دراسة الأدب قد حقق هدفين في وقت واحد: فقد أنقذ البنيوية الشكلية من انغلاقها على النص المنقود وحده، كما أنقذ المنهج الاجتماعي من إيديولوجيته التي كانت تُقيّم الأدب من وجهة نظرها هي فحسب.