التربية النبوية واستعمال الوسائل التعليمية.. ربط المعنى المعقول بالصورة المحسوسة واستعمال خير ما تفتق عنه العصر من وسائل وأساليب حديثة في التربية والتعليم



أ - فهو صلى الله عليه وسلم يشير تارة كقوله: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا" وأشار بالسبابة والوسطى وفرَّج بينهما شيئاً (رواه البخاري ( 5304).).
وقوله: "الفتنة من هاهنا" وأشار إلى المشرق (رواه البخاري (5296) ومسلم (2905).).
ب - وتارة يضرب المثل، أو يفترض قصة كما في قوله: "مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرُّوا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً" (رواه البخاري (2493).). وكما في قوله صلى الله عليه وسلم: "لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلا وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهبت راحلته، حتى اشتدَّ عليه الحرُّ والعطش أو ما شاء الله، قال: أرجع إلى مكاني، فرجع فنام نومة، ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده" (رواه البخاري (6308) ومسلم (2744)).
ج - وتارة يستعمل الرسم للتوضيح فقد خطَّ خطًّا مربعاً، وخطَّ خطًّا في الوسط خارجاً منه، وخطَّ خططا صغاراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، وقال: "هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به، أو قد أحاط به، وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا" (رواه البخاري (6417)).
د - وأحيانا يحكي قصة واقعية من الأمم السابقة، كما في قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار فدعوا الله بصالح أعمالهم (رواه البخاري (3465) ومسلم (2743).)، وقصة الذي قتل تسعة وتسعين إنساناً (رواه البخاري (3470) ومسلم (2766).)، وأمثلتها كثير.
هـ - وأحياناً يربط المعنى المعقول بالصورة المحسوسة، فينظر مرة إلى القمر ليلة البدر ثم يقول: "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا، ثم قرأ: [وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب] (رواه البخاري (554) ومسلم (633 ).).
وقال لعلي -رضي الله عنه-: "قل: اللهم اهدني، وسددني، واذكر بالهدى هدايتك الطريق، وبالسداد سداد السهم" (رواه مسلم (2725).).
فاستعماله صلى الله عليه وسلم لما أتيح في عصره من وسائل، يعني لنا أن من تمام الاقتداء بهديه صلى الله عليه وسلم أن نستعمل خير ما تفتق عنه العصر من وسائل وأساليب حديثة في التربية والتعليم، مادامت مباحة.