قواعد الأكل والشرب والتغذية وأثرها على التربية البدنية للإنسان



الطعام والشراب ضرورة وحاجة للإنسان فلا حياة،ولا استمرار لهذه الحياة إلا بهما .
قال تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (31) سورة الأعراف
يَرُدُّ اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الآيَةِ عَلَى المُشْرِكِينَ،الذِينَ كَانُوا يَطُوفُونَ بِالبَيْتِ وَهُمْ عُرَاةٌ،وَكَانَ الذِينَ يَطُوفُونَ مِنْهُمْ يُحَرِّمُونَ عَلَى أَنْفُسِهِم الدَّسَمَ مَا أَقَامُوا بِألمَوْسِمِ،فَأَمَرَهُمُ اللهُ بِسَتْرِ عَوْرَاتِهِمْ حِينَ الطَّوَافِ بِالبَيْتِ،وَبالتَّجَمُّلِ عِنْدَ الصَّلاَةِ،ثُمَّ أَبَاحَ لَهُم الأَكْلَ وَالشُّرْبَ مِنَ الطَّيِّبَاتِ بِدُونِ إِسْرَافٍ ( أَيْ بِدُونِ تَجَاوُزِ الحَدِّ المَعْقُولِ )،لأنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ .
وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ،عَنْ أَبِيهِ،عَنْ جَدِّهِ،أَنَّ رَسُولَ اللهِ ص قَالَ:كُلُوا،وَاشْرَبُوا،وَتَصَدَّقُوا،وَالْبَسُوا،غَيْرَ مَخِيلَةٍ،وَلاَ سَرَفٍ،وَقَالَ يَزِيدُ مَرَّةً:فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ،وَلاَ مَخِيلَةٍ.
ولقد وضع الإسلام قواعده الخاصة بالتغذية وطلب من المسلمين أن ينفذوها،وعلى المربين تطبيقها وتعليمها لأطفالهم ومنها :
1) " غسل اليدين قبل الطعام وبعده :
2) الاعتدال بالطعام ؛لأن كثرة الطعام تؤدي إلى أمراض منها البدانة والسمنة واضطراب في الجهاز الهضمي ،ومرض النُقرص (المُلوك)،وهو زيادة في مادة Uric acid نتيجة لكثرة تناول اللحوم وقد يحصل الإسهال والإمساك.
3) اجتناب الأطعمة أو الأشربة المحرمة:
قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (90) سورة المائدة
يَنْهَى اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ المُؤْمِنِينَ عَنْ تَعَاطِي الخَمْرِ وَلَعْبِ القِمَارِ ( المَيْسِر )،وَعَنْ ذَبْحِ القَرَابِينِ عِنْدَ الأَنْصَابِ،( وَهِيَ حِجَارَةٌ كَانَتْ تُحِيطُ بِالْكَعْبَةِ )،كَمَا يَنْهَاهُمْ عَنِ الاسْتِقْسَامِ بِالأَزْلاَمِ ( وَالأَزْلاَمِ ثَلاَثَةُ قِدَاحٍ أَوْ سِهَامٍ يُجِيلُونَهَا ثُمَّ يُلْقُونَهَا،وَقَدْ كُتِبَ عَلَى أَحَدِهَا ( افْعَلْ )،وَعَلى الأخَرِ ( لاَ تَفْعَلْ )،وَالثَّالِثُ غُفْلٌ مِنَ الكِتَابَةِ .فَإِذَا خَرَجَ السَّهْمُ الذِي كُتِبَ عَلَيْهِ ( افْعَلْ ) فَعَلَ .وَإذَا خَرَجَ السَّهْمُ الذِي كُتِبَ عَلَيْهِ ( لاَ تَفْعَلْ ) لَمْ يَفْعَلْ .وَإذا خَرَجَ السَّهْمُ الغُفْلُ مِنَ الكِتَابَةِ أَعَادَ الاسْتِقْسَامَ .
وَيَقُولُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ إنَّ هَذِهِ المُنْكَرَاتِ:الخَمْرَ وَالمَيْسِرَ ..إنَّمَا هِيَ شَرٌّ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ( رِجْسٌ ) فَاجْتَنِبُوا هَذَا الرِّجْسَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَتَفُوزُونَ بِرِضْوَانِ اللهِ.
وقال تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (3) سورة المائدة
يُبَيِّنُ اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الآيَةش مَا حَرَّمَ أكْلَهُ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ لَحْمِ الأنْعَامِ وَهِيَ:
المَيْتَةُ - وَهِيَ التِي مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ وَلاَ اصْطِيَادٍ وَذَلِكَ لِمَ فِيهَا مِنَ المَضَرَّةِ،وَيُسْتَثْنَى مِنَ المَيْتَةِ السَّمَكُ،فَإنَّهُ حَلالٌ سَوَاءٌ مَاتَ بتَذْكِيَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا .
وَالدَّمُ المَسْفُوحُ - وَهُوَ الدَّمُ الذِي يَسِيلُ مِنَ الحَيَوَانَاتِ .
وَكَانَ الأَعْرَابُ فِي البَادِيَةِ إذا جَاعُوا فِي الصَّحْرَاءِ يَأخُذُونَ شَيْئاً مُحَدَّداً مِنْ عَظْمٍ أوْ نَحْوِهِ فَيَفْصِدُونَ بِهِ حَيَواناً فَيَجْمَعُونَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ مِنْ دَمٍ فَيَشْرَبُونَهُ،فَحَرَّمَ اللهُ ذَلِكَ .
وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ:أحِلَّتْ لَنَا مِيتَتَانِ وَدَمَانِ،فَأمَّا المِيتَتَانِ فَالسَّمَكُ وَالجَرَادُ،وَأمَّا الدَّمَانِ فَالكَبِدُ وَالطِّحَالُ .( رَوَاهُ أحْمَدُ وَالبَيْهَقِيُّ ) .
لَحْمُ الخِنْزِيرِ - إنْسِيَّهِ وَوَحْشِيِّهِ .فَلَحْمُهُ حَرَامٌ .
مَا أهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ - أيْ مَا ذُبِحَ فَذُكِرَ اسْمٌ غَيْرُ اسْمِ اللهِ عِنْدَ ذَبْحِهِ .لأنَّ اللهَ تَعَالَى أوْجَبَ أنْ تُذْبَحَ الأنْعَامُ عَلَى اسْمِهِ العَظِيمِ .
 ( وَالإِهْلالُ هُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ،وَالإِهْلالُ هُنَا رَفْعُ الصَّوْتِ بِذِكْرِ اسْمٍ غَيْرِ اسْمِ اللهِ عِنْدَ المُسْلِمِينَ .
وَالمَوْقُوذَةُ - وَهِيَ التِي تَضرَبُ بِشَيءٍ ثَقيلٍ غَيْرِ مُحَدَّدٍ حَتَّى تَمُوتَ .
وَالمُتَرَدِّيَةُ - وَهِيَ التِي تَقَعُ مِنْ مَكَانِ مُرْتَفِعٍ،أوْ تَقَعُ فِي بِئْرٍ فَتَمُوتُ فَلا يَحِلُّ أكْلُ لَحْمِهَا
وَالنَّطِيحَةُ - وَهِيَ التِي مَاتَتْ بِسَبَبِ نَطْحِ غَيْرِهَا لَهَا،فَهِيَ حَرَامٌ وَلَوُ خَرَجَ مِنَهَا الدَّمُ،وَلَوْ مِنْ مَذْبَحِهَا .
وَمَا أكَلَ السَّبُعُ - وَهِيَ مَا عَدَتْ عَلَيهَا الحَيَوَانَاتُ الجَارِحَةُ فَقَتَلَتْها فَلا تَحِلُّ بِالإِجْمَاعِ .
وَاسْتَثْنَى اللهُ تَعَالَى مِنْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ الحَيَوَانُ الذِي لَحِقَهُ الإِنْسَانُ بِالذَّبْحِ،قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ،وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ،فَإنَّهُ إذَا ذُبِحَ أَصْبَحَ حَلالاً يَجُوزُ أَكْلُهُ لِلْمُسْلِمِينَ .
وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ - مُحَرَّمٌ أَكْلُهُ .
وَالنُّصُبُ هِيَ حِجَارَةٌ حَوْلَ الكَعْبَةِ،كَانَتِ العَرَبُ فِي جَاهِلِيَّتِهَا تَذْبَحُ عِنْدَهَا الذَّبَائِحَ،وَيُنْضَحُ مَا أَقْبلَ مِنْها إلَى البَيْتَ بِدِمَاءِ تِلْكَ الذَّبَائِحِ،وَيُشَرِّحُونَ اللحْمَ وَيَضَعُونَهُ عَلَى النُّصُبِ فَحَرَّمَ اللهُ تَعَالَى عَلَى المُؤْمِنِينَ أَكْلَ الذَّبَائِحِ التِي تَمَّ ذَبْحُها عِنْدَ تِلْكَ النُّصُبِ .فَالذَّبْحُ عِنْدَ النُّصُبِ مِنْ الشِّرْكِ .
ثُمَّ أضَافَ اللهُ تَعَالَى إلَى مُحَرَّمَاتِ الطَّعَامِ التِي كَانَ أهْلُ الجَاهِلِيَّةِ يَسْتَحِلُّونَهَا،عَمَلاً آخَرَ مِنْ أعْمَالِهِمْ وَهُوَ الاسْتِقْسَامُ بِالأَزْلاَمِ .
وَالأَزْلاَمُ وَاحِدُهَا ( زَلَمٌ )،هِيَ عِبَارَةَ عَنْ قِدَاحٍ ( سِهَامٍ ) ثَلاَثَةٍ أحَدُهَا مُكْتُوبٌ عَلَيْهِ:( افْعَلْ ) وَثَانِيهَا مَكْتُوبٌ عَلَيهِ .( لاَ تَفْعَلْ ) .وثَالِثُهَا لَمْ يُكْتَبُ عَلَيهِ شَيءٌ .فَإِذا أجَالَهَا فَطَلَعَ السَّهْمُ المَكْتُوبُ عَلَيْهِ ( لاَ تَفْعَلْ )،لَمْ يَفْعَلْ .وَإِذَا خَرَجَ السَّهْمُ المَكْتُوبُ عَلَيْهِ ( افْعَلْ ) فَعَلَ .وَإذَا خَرَجَ السَّهْمُ الغُفْلُ مِنَ الكِتَابَةِ أعَادَ .فَحَرَّمَ اللهُ الاسْتِقْسَامَ بِالأزْلاَمِ،وَعَدَّهُ فِسْقاً،وخُرُوجاً عَنَ طَاعَةِ اللهِ .
وَقَدْ أَمَرَ اللهُ المُؤْمِنِينَ إذَا تَرَدَّدُوا فِي أمْرِهِمْ أنْ يَسْتَخِيرُوهُ بِأَنْ يَعْبُدُوهُ،ثُمَّ يَسْأَلُوهُ الخِيَرَةَ فِي الأَمْرِ الذِي يُرِيدُونَ .
4) الإسلام يطلب مضغ الطعام وينهي عن أكل الطعام الحار ويكره الأكل والشرب متكئاً."
فعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللهِ r،عَنْ أَكْلِ الطَّعَامِ الْحَارِّ،حَتَّى يَسْكُنَ "
 وعَنْ عَلِىِّ بْنِ الأَقْمَرِ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -ص- « لاَ آكُلُ مُتَّكِئًا ».
لا آكل متكئا:قال الخطابي:يحسب أكثر العامة أن المتكئ هو المائل على أحد شقيه،لا يعرفون غيره ،وكان بعضهم يتأول هذا الكلام على مذهب الطب،ودفع الضرر عن البدن:أنه إذا كان الآكل مائلا على أحد شقيه لا يكاد يسلم من ألم يناله في مجاري طعامه،فلا يسيغه ولا يسهل نزوله إلى معدته،قال الخطابي:وليس معنى [الحديث] ما ذهبوا إليه،إنما المتكئ ها هنا:هو المعتمد على الوطاء الذي تحته،فكل من استوى قاعدا على وطاء فهو متكئ،والاتكاء مأخوذ من الوكاء،وهو افتعال منه،فالمتكئ هو الذي أوكأ مقعدته،وشدها بالقعود على الوطاء الذي تحته،أراد:أنه إذا أكل لم يقعد على الأوطئة والوسائد،فعل من يريد أن يستكثر من الأطعمة،ويتوسع في الألوان،ولكني آكل علقة،وآخذ من الطعام بلغة،فيكون قعودي مستوفزا،لا مستوطنا،فقد روي أنه -r- «كان يأكل مقعيا»،ويقول:أنا عبد آكل كما يأكل العبد».