شروط تجديد المدرسة المغربية وإصلاحها.. تجديد الاختيارات الإدارية والتدبيرية وتكوين المدرسين وإرسائه على قاعدة إبستمولوجية كفيلة بالصياغة المستمرة للإشكاليات التربوية الحقيقية والموضوعية



من المؤكد أن المدرسة في المغرب قد أصبحت في قلب الرهانات المجتمعية والسياسية والثقافية أكثر من أي وقت مضى.

ومن المؤكد كذلك أن الوعي بالتنمية وضروراتها لم يعد يغفل تعليم الإنسان وتكوينه في شتى ميادين المعرفة، إذ لا يمكن أن تتحقق الطفرة التنموية المنشودة إلا ببناء مدرسة منفتحة على العصر وقادرة على النهوض بأسئلة وتحديات المجتمع والثقافة، وضامنة لمنطلقات ومسالك التأهيل في دلالاته المعرفية والاجتماعية والأخلاقية.

إن التراكمات التي أفرزها ويفرزها إصلاح المنظومة التعليمية بالمغرب قد رسمت جملة من التحولات، سواء داخل هذه المنظومة نفسها أو في علاقتها مع محيطها، كما أفضت إلى نقاش وحوار غير مسبوقين حول مسألة التربية والتكوين.

ولكن إصلاح المدرسة المغربية قد أسفر -مع ذلك- عن إشكالات وقضايا ناتجة عن عوامل نجملها في ارتجال بعض الحلول والتدابير، وفي البون بين النصوص وتطبيقاتها، وفي تأجيل جملة من العمليات التي لابد منها للسير بالإصلاح إلى أقصى غاياته.

وتظل عملية تجديد المدرسة المغربية وإصلاحها ناقصة ما لم يتم الوفاء بثلاثة شروط استراتيجية:

1- شرط مؤسساتي متمثل في تجديد الاختيارات الإدارية والتدبيرية المؤطرة لمنظومة التكوين في مجموع حلقاتها ومستوياتها وتحديث الثقافات والعقليات المؤطرة لهذه الاختيارات.

2- شرط بيداغوجي متعلق بتكوين المدرسين وإرساء هذا التكوين على قاعدة إبستمولوجية كفيلة بالصياغة المستمرة للإشكاليات التربوية الحقيقية والموضوعية التي يشهدها حقلنا التعليمي، ومتمكنة من استثمار مكتسبات العلوم الإنسانية لصالح منظومة التربية والتكوين، وتشغيل الوسائط والوسائل الجديدة للتواصل ونقل المعلومات.

3- شرط متمثل في مأسسة البحث العلمي وتوسيع إمكانياته وحقوله وتشجيع مبادراته باعتبار كل ذلك مقدمة للارتقاء بتكوين المدرسين وانتشال أسئلة التربية من العفوية إلى التأسيس، وإدراك الأبعاد المختلفة للرهان المجتمعي حول التربية والتكوين.