التدريس وفق مشروع تربوي لتحقيق مجموعة من الغايات والأهداف وخلق وضعيات تعليمية تعلمية متنوعة



يقوم المدرس بالتدريس وفق مشروع تربوي يهدف من خلاله إلى تحقيق مجموعة من الغايات والأهداف، وذلك لخلق وضعيات تعليمية تعلمية متنوعة، بواسطتها يتم النقل الديداكتيكي للمعارف إلى المتعلم.

ووضعية التعليم/ التعلم هي كل موقف تفاعل بين المدرس والمتعلم يهدف إلى إحراز تقدم، أو تغير كمي أو كيفي، سواء على المستوى المعرفي أو الوجداني أو الحسي الحركي[1].

وكل مدرس داخل قسمه له منهاجه الضمني، الذي يتبعه بعيدا عن التوجيهات الرسمية، والأهداف المرسومة.

وهذا لا يكفي أن يكون خبيرا في مادة من المواد المدرسة، من أجل تدريسها.
بل يجب أن يكون خبيرا في ميدان إيصال المعرفة.

[1]- أمزيان، (محمد)، التعليم التعلم، ومفارقات العلاقة البيداغوجية، مجلة علوم التربية، ع8، السنة 4، مارس 1995، ص: 79.

والمشروع التربوي منظور يحدد التوجه الذي يتبناه المحيط التربوي لتربية التلاميذ. وهو يمكن من تحقيق توافق الفاعلين حول التوجهات والقيم التي تؤسسها، وحول الأولويات التي يتم إقرارها بارتباط مع الرسالة التربوية للمؤسسة.

ما المقصود بالمحيط التربوي؟ 
تعد المدرسة المكان الطبيعي الأمثـل لتربية النشء، وتبعا لذلك فإن المحيط التربوي يعني مجموع العاملين والتلاميذ بالمدرسة، لكنه يعني أيضا المحيط الاجتماعي أي الأشخاص الذي يعيش معهم الطفل يوميا.

ولا يقتصر منظور المحيط التربوي على المدرسة وحدها؛ بل يشمل جميع الفاعلين الذين يعيشون بصفة مستمرة مع الأطفال.

تجسد المدرسة رسالتها التربوية في المحيط بالبحث المستمر عن الانسجام والتوافق "حول توجهات وقيم" ذات أولوية.

وهي تشكل المهد الطبيعي للمشروع التربوي، لكنها ليست الوحيدة التي تربي الطفل وتوجه نموه، ومن هنا تأتي ضرورة تقاسم منظورها التنموي مع الفاعلين الآخرين في المحيط.

خصوصيات المشروع التربوي:
1- المشروع التربوي مقاربة دينامية:
يشكل المشروع التربوي مقاربة دينامية بمعنى أنه في سيرورة دائمة، فالمدرسة ليس لها مشروع؛ بل هي نفسها في وضعية مشروع. لأن المشروع ليس شيئا جامدا؛ وإنما هو يتطور ويتكيف باستمرار مع الحاجات والوضعيات الجديدة.

2- المشروع التربوي خاص بكل مدرسة:
ينتمي المشروع إلى مدرسة معينة. إنه نتاج خاص بمحيط معين يلتصق بالواقع المميز لكل مدرسة.

وهو يخضع بالطبع للمتطلبات الوزارية التي هي متطلبات عامة، لكن كل مدرسة تطبعه بطابعها الخاص وتعمل على تحقيقه.

3- المشروع مقاربة قائمة على التفكير الجماعي:
يسمح المشروع بإشراك جميع العاملين في تحديد القيم والمبادئ التي تؤطر النشاط التربوي.

وتؤدي المدرسة رسالتها التعليمية والتربوية بواسطة المشروع الذي يأخذ بعين الاعتبار القوانين والتنظيمات الوزارية وكذا الواقع السوسيو اقتصادي والثقافي للمحيط.

إن المشروع وسيلة ملموسة للاستجابة لحاجات التلاميذ وحاجات المجتمع الذي يعيشون فيه، فهو يأتي ليدقق القوانين والإجراءات الوزارية ليجعلها ملائمة للمعطيات الخاصة بكل محيط.

يكون الهدف معروفا لدى الجميع لكن وسائل تحقيقه تختلف باختلاف حاجات التلاميذ وأولويات المدرسة.

4- المشروع التربوي شامل لجميع عناصر خطة العمل:
يتضمن المشروع التربوي جميع عناصر خطة عمل تسمح بتحقيق التوجهات المرسومة باتفاق مع جميع الفاعلين في المحيط.

فإدارة المدرسة وبتنسيق مع مجلس التدبير تقوم بتدبير المشروع، وهي المسؤولة بهذه الصفة عن التدبير التربوي والإداري والمالي للمدرسة.

إنها تخطط وتنفذ وتشرف وتقوم المشروع بين الحين والآخر وتصوب اتجاه سير العمل.
ونشير في نهاية الأمر إلى أن مفهوم المشروع التربوي يتضمن في جوهره مبدأ الاستمرارية ومبدأ التطور عبر الزمن.

وبهذا المعنى تكون المدرسة في مشروع أي أنها في حركة مستمرة، هي تنظر إلى نفسها في المستقبل وتعطي صورة شيء يتكيف باستمرار مع الواقع.