إذا كانت المرأة منبع المشاكل العائلية وجب الوعظ فالهجران فالضرب غير المبرح



إن نشوز المرأة معصية من أكبر المعاصي وقد ضمنها الإمام الذهبي كتابه في الكبائر ، فالمرأة الصالحة تترفع عن الوقوع في صغائر الذنوب فكيف بكبائرها التي توعد الله عليها باللعن والغضب والعذاب الأليم ؟
قال تعالى: }واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبير { فذكر كيفية تأديب المرأة في حالة نشوزها قال ابن كثير : والنشوز هو الارتفاع فالمرأة الناشز هي المرتفعة على زوجها التاركة لا مره المعروضة عنه المبغضة له فمتى ظهر منها أمارات النشوز فليعظها وليخوفها عقاب الله في عصيانه فإن الله قد أوجب حق الزوج وطاعته وحرم عليها معصيته لما له عليها من الفضل والإفضال وقد قال رسول الله ص : لو كنت آمر أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها وروى البخاري عن أبي هريرة قال : قـال رسول الله ص: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه لعنتها الملائكة حتى تصبح . ([1])
فالوعظ هو أول مراتب العلاج لنشوز المرأة يتلوه الهجران في المضجع قال ابن عباس يعظها فإن هي قبلت وإلا هجرها في المضجع قال : لا يجامعها ويضاجعها على فراشها ويوليها ظهره ولا يكلمها مع ذلك ولا يحدثها وذلك عليها شديد .
وقد ذكرنا حديث معاوية ابن حيدة ض في قوله ص : ولا تهجر إلا في البيت .
فإن لم يفلح الهجر قال ابن عباس : قد أذن الله لك أن تضرب ضربًا غير مبرح ولا تكسر لها عظما فإن أقبلت وإلا فقد حل لك منها الفدية.
معنى الفدية:
لما نهى الله سبحانه عن عضل المرأة للذهاب بما أعطيت من مال استثنى من ذلك إذا كانت ذات زوج  فحصل منها نشوز أي ترفع عن الزوج وأوامره فيحل له أن يضطرها إلى افتداء نفسها بمال وهو الخلع.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : ]ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ماآتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة[ قال : البغض والنشوز فإذا فعلت ذلك فقد حل له منها الفدية وقال ابن كثير : يعني أن هذا .... يبيح مضاجرتها حتى تبرنه من حقها أو بعضه ويفارقها وهذا جيد والله أعلم . ([2])
وجسد المسلم محرم فكل المسلم على المسلم حرام كما ثبت في الحديث ولذا فإن للضرب المصرح به آدابا.
أولا : أن يكون لناشز خرجت عن الطاعة ولم ترضخ لزوجها ، فلا تضرب المرأة لغير ذلك.
ثانيًا : أن يكون الوعظ لم يصلحها، والهجر في المضجع لم يصلحها كذلك.
ثالثا : أن يكون الضرب غير شديد وليس في الوجه ، كأن يكون لكزة أو بسواك ونحوه.
رابعا : ألا تضرب بسوط ونحوه أكثر من ثلاث لأنه لا يضرب أكثر من ثلاث في تأديب الصبي كما روي عن بعض السلف وليست المرأة دون الصبي في الـتأديب فإن زاد فعشر ولا يضرب أكثر من عشر إلا في حد من حدود الله ، إلا إذا كان التعزير على عدة مخالفات لأوامر الزوج .
خامسًا : أن يستحيي من مضاجعتها في نفس اليوم بعد أن أهانها بالضرب كما ثبت في الحديث : لا يضرب أحدكم امرأته ضرب العبد ثم يضاجعها من آخر يومه .
سادسًا : أن يعلم أنه بوصفه ضرابًا لنسائـه خرج عن كونه من خيار المسلمين ، وحق للناس ألا يزوجوه.
وعن إياس ض قال : قال النبي ص لا تضربن إماء الله فجاء عمر إلى النبي ص فقال يا رسول الله قد ذئر النساء على أزواجهن فأمر بضربهن فضربن . فطاف بآل محمد ص طائف نساء كثير فلما أصبح قال : لقد طاف الليلة بآل محمد سبعون امرأة تشتكي زوجها فلا تجدون أولئك خياركم . ([3])
ونصح رسول الله ص فاطمة بنت قيس بعدم الزواج من أبي الجهم لأنه ضراب للنساء .
فإن خالف الرجل تلك الآداب عرض نفسه للعقوبة  من الله والقصاص يوم القيامة ، وإن لم يسأل في الدنيا فسؤآل الآخرة أشد . 
وروى الإمام أحمد وغيره عن الأشعث بن قيس قال ضفت عمر فتناول امرأته فضربها وقال : يا أشعث احفظ عني ثلاثا حفظتهن عن رسول الله ص : لا تسأل الرجل فيم ضرب امرأته ... الحديث .
وقد ثبت أن عمرو t ضرب امرأته لما سألته النفقة ولم ترض بما قسم الله لها ، ولم ينكر ذلك النبي eبل ضحك : روى مسلم وغيره أن عمر قال : يا رسول الله لو رأيت ابنة زيد امرأة عمر سألتني النفقة آنفا فوجأت عنقها فضحك النبي e حتى بدا ناجذه.
وفي قصة أيوب علية السلام تعرض لتأديب الرجل لامرأته بضربها إذا اقتضى الامر فقد حلف أيوب أن يضربها مئة ضربة إن شفاه الله عقابا لها على أمر عصته فيه ولكن الله رحمها لصبرها معه على بلائه حين تركه جميع الناس ولم يكن جزاؤها بعد هذه الخدمة التامة و الرحمة والشفقه والاحسان أن تقابل بالضرب فأمره الله أن يأخذ شمراخا به مأئة قضيب فيضربها ضربة واحده ليبر قسمه قال تعالى : ]وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث [ . ([4])
وقال أبوا حامد الغزالي : إذا كان النشوز من المرأة خاصة فالرجال قوامون على النساء فله أن يؤدبها ويحملها على الطاعة قهرا  ([5])
ثم بين سبحانه أن المرأة إذا أطاعت زوجها لم يكن له عليها من سبيل وليس له ضربها ولا هجرانها وهدد الرجال بقوله : ]إن الله كان عليا كبيرا[ يعني أن الله العلي الكبير هو وليهن وهو ينتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن . هذه هي حالات تأديب المرأة الناشز النافرة من زوجها.
(1) التفسير 2/257 .
(2) التفسير 2/211 .
(3) أخرجه أبو داود وابن ماجه وقال الألباني ، حسن صحيح ، مرويات ابن ماجه في التفسير ص129 . 
(4) انظر تفسير ابن كثير 7/66 .
(5) الإحياء 3/51 .