محمد عفيفي مطر يفارق الحياة بعد صراع طويل مع المرض



غيب الموت الاثنين الشاعر المصري والعربي محمد عفيفي مطر، بعد 75 عاماً دشّن خلالها مقولة شعرية ناجزة استطاعت أن تحقّق تميّزاً وفرادة في المشهد الثقافي العربي.
وتوفي مطر إثر مضاعفات إصابته بتليف بالكبد، والذي يعانى منه منذ فترة طويلة، وكان قبل نحو أسبوع قد دخل في غيبوبة، وفقاً لما ذكرته صحيفة الدستور المصرية.
واستطاع عفيفي مطر، خلال مسيرته وسيرته الإبداعية والشعرية، أن يقترح مشروعه الشعري باقتدار، وأن يحفر مساحة تخصّه في سياق القصيدة الحديثة والتجريب الشعري استناداً للموروث الشعبي والأساطير والنسق الثقافي العربي، وفقاً لما جاء في بيان نعي صادر عن الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين، ونشرته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا."
يذكر أن الشاعر محمد عفيفي مطر من مواليد 1935، وُلد بمحافظة المنوفية، وتخرج من كلية الآداب قسم الفلسفة، حصل على جائزة الدولة التشجيعية في الشعر العام 1989، وحصل على التقديرية العام 2006، وصدرت أعماله عن دار الشروق عام 2000. وفاز بجائزة سلطان العويس العام 1999.
وكان مطر قد ارتحل إلى العراق في نهاية سبعينيات القرن الماضي نتيجة لعدم رضاه عن سياسة الرئيس المصري الراحل، أنور السادات وتوقيعه اتفاقية سلام مع إسرائيل عام 1979.
وفي عام 1991 اعتقل مطر نتيجة معارضته السياسة المصرية في موقفها من الحرب على العراق في يناير/كانون الثاني 1991 التي استهدفت إخراج الجيش العراقي من الكويت.
وسجل مطر تجربة الاعتقال في عدة قصائد أشهرها "هلاوس ليلة ظمأ" وأثمرت تلك التجربة ديوانه "احتفاليات المومياء المتوحشة" 1992.
وشكل عفيفي مطر عنواناً عريضاً للمثقف الملتزم بقضايا الأمّة، وكان مثالاً جديراً بالاحترام والتقدير في جرأته وصدقه وكلمته المسؤولة وتواضعه الجمّ.وصدر له في الشعر: احتفاليات المومياء المتوحشة، فاصلة إيقاعات النحل، رباعية الفرح، أنت واحدها وهي أعضاؤك انتثرت، يتحدث الطمي، والنهر يلبس الأقنعة، شهادة البكاء في زمن الضحك، كتاب الأرض والدم، رسوم على قشرة الليل، الجوع والقمر، ملامح من الوجه الأمبينذوقليسي، من دفتر الصمت، من جمرة البدايات. وصدرت له العديد من كتب الأطفال وفي الترجمة: الشمس المهيمنة.
وعاش الشاعر الراحل حياة متقشفة بعدما اضطر للجؤ الى العراق بعد معارضته اتفاقيات كامب ديفيد التي وقعها الرئيس المصري الراحل محمد انور السادات وهي الفترة التي شهدت رحيل عدد كبير من المثقفين والمبدعين المصريين عن بلادهم ليلجأوا الى عدد من الدول العربية بينها لبنان والعراق والامارات العربية وغيرها.
وبعد عودته هجر الوظيفة الرسمية في التعليم ولجأ الى زراعة ارضه في قريته مواصلا نظم الشعر والنثر والترجمة. ويعتبر بعض الشعراء والنقاد الشاعر الراحل من اهم شعراء الحداثة العربية الى جانب الشاعر السوري ادونيس ومن اثرى الاصوات الشعرية العربية والمصرية عموما.
وقد اتخذ محمد عفيفي مطر مواقف سياسية اودت به الى السجن خصوصا معارضته والمثقفيين المصريين لموقف الحكومة المصرية اتجاه الحرب على العراق حيث تم اعتقاله واخرين العام 1991.
وقد عكست تجربة الاعتقال نفسها على شعره فيما بعد وتجلت في ديوان "احتفاليات المومياء المتوحشة".
ولد مطر في قرية رملة الانجب في محافظة المنوفية العام 1935 ودرس الفلسفة في كلية الاداب وعمل مدرسا في مصر ورئس تحرير مجلة "السنابل" التي كانت مساندة للحركة الطلابية مطلع السبعينات فقامت الدولة باقفالها.
وحصل عفيفي مطر على الكثير من الجوائز المحلية والعربية والعالمية من اهمها جائزة العويس الاماراتية على الصعيد العربي وعلى الصعيد المحلي فاز بجائزتي الدولة التشجيعية والتقديرية الى جانب جوائز من جامعات محلية وحاز جائزة كفافيس اليونانية الى جانب جائزة من جامعة اركنسو الاميركية وجائزة المؤسسة العالمية للشعر في روتردام الهولندية.
ومن اعماله الشعرية "من دفتر الصمت" الذي صدر في دمشق العام 1968 و"ملامح من الوجه الامبادوقليسي" ( بيروت 1969) و"لجوع والقمر" (دمشق 1972) و"كتاب الارض والدم" (بغداد 1972) و"شهادة البكاء في زمن الضحك" (بيروت 1973) و"النهر يلبس الاقنعة" (بغداد 1975) .
ومن اخر اعماله "معلقة دخان القصيدة" (القاهرة 2006) و"المنمنمات" (القاهرة 2007). كذلك صدرت اعماله الشعرية الكاملة عن دار الشروق بالقاهرة العام 2003.
وفي النثر له عدد من الكتابات هي "شروخ في مرآة الاسلاف" و"محمود سامي البارودي (دراسة ومختارات)" و"اوائل زيارات الدهشة" الى جانب قصص للاطفال وللصبية بعنوان "مسامرات الاولاد كي لا يناموا".
كذلك قام بترجمة الاعمال الكاملة للشاعرة السويدية اديث سودر غران مع عدد من المترجمين الاخرين وكذلك مختارات من شعر الشاعر اليوناني ايليتيس.