الكفاية بين الوظيفة والسلوك.. الكفاية سلوك يمكن التعبير عنه بأنشطة قابلة للملاحظة



يعتقد راي ‎B. Rey 1998 أن نموذج التدريس الهادف، خاصة لدى بعض رواده ممن تبنوا التصور السلوكي، يختزل التَّعَلُّمَات (مكتسبات التلاميذ) في العمل على تحقيق سلسلة من الأهداف السلوكية، التي تقود إلى تجزيء بل إلى تفتيت النشاط إلى الحد الذي يصبح التلميذ معه عاجزا عن تبيان ما هو بصدده، ومن الصعب عليه معرفة مغزى نشاطه.

إن هذه النز عة نحو التجزيء والتفكيك تجعل من الصعب على المقوم مثلا، القول بأن مجموع السلوكات المكتسبة يحقق الغاية المرجوة والتي كان من المفروض أن تشكلها.

فإذا قلنا مثلا إن على التلميذ لكي يكتسب مهارة الكتابة، أن يتعلم الهدف رقم 1 و بعده الهدف رقم 2 ثم الهدف رقم 3 ... الخ، فهل يشكل مجموع هذه الأهداف الجزئية الغاية المرجوة وهل يعي التلميذ مغزى تحقق هذه الأهداف السلوكية الجزئية وهل يتكون لديه إدراك واضح لذلك؟

إن السلوك الملاحظ هو في نهاية الأمر، سلوك إنساني وبالتالي يكون من الضروري الاعتراف له بقدر من المعنى والمغزى والقصدية.
وإلا ما الفرق بين سلوك الإنسان وعمل الماكينة؟

إن التعرف على السلوك، لا يعني فقط تعداد التغيرات الجسمية التي تحدث لدى المتعلم.
بل إن التعرف عليه يعنى أساسا التعرف عليه باعتباره سلوكا منظما ومنسقا حول نشاط معين.

وهكذا نرى أن مفهوم السلوك، يعني أن يتضمن شكلا من أشكال الغائية وأن يندرج مفهوم الكفاية بدوره وكذلك مفهوم الهدف العام، في هذا السياق.

بطبيعة الحال فإن المتحمس لنموذج التدريس بالأهداف خاصة في جانبه السلوكي، محق عندما يشكك في إدخال مفهوم الغائية في الاعتبار، لأن هذا المفهوم يمكن أن يسرب إلى العلاقة بين المدرس والتلاميذ بل إلى النشاط التربوي برمته، أبعادا ضمنية وغامضة ويؤدي بالتالي إلى الضبابية والعشوائية.

لكن المؤكد هو أن سلوك التلميذ لكي يكون مفهوما ويكون قابلا للملاحظة، لا بد من تناوله بقدر من الوظيفية.

إن ما ينبغي أخذه بعين الاعتبار في موضوع الكفايات، ليس السلوك كانعكاس (رد فعل) عضلي وغذي وحسي حركي كما يراه السلوكيون، بل السلوك كنشاط ـ و مهام ذات مغزى.

لذلك يعرف فيفيان دولاندشير ‎V. de Landsheere الكفاية بكونها "تعبير عن القدرة على إنجاز مهمة معينة بشكل مرض".

إن الكفاية سلوك يمكن التعبير عنه بأنشطة قابلة للملاحظة، لكنها أنشطة تتجمع وتندمج في عمل مفيد وذي مغزى، وهكذا فإن الوظيفة العملية (التطبيقية) هي التي تغدو حاسمة في الموضوع.

"إن الكفايات تشكل مجموعات مهيكلة تتفاعل عناصرها وتتداخل مكوناتها وتنتظم حسب تسلسل معين، للاستجابة لمقتضيات الأنشطة التي ينبغي إنجازها".

كما أن الكفاية يمكن أن تتألف من تشكيلة (مزيج) غير متجانسة من المعارف والمهارات والقدرات العقلية والخطاطات الحسية... الخ، وما يوحد بينها هو فائدتها و منفعتها، أي النشاط التقني والاجتماعي الذي سينتج عن توظيفها.

إن الكفاية غير منسجمة من حيث العناصر التي تتألف منها ولكنها منسجمة من حيث النتيجة المستهدفة.
كما تتضمن الكفايات نتائج المكتسبات المعقدة والتي تظهر كما لو كانت حصيلة المكتسبات السابقة.

مما يؤكد الطابع اللولبي (نسبة إلى اللولب) للكفاية حيث تعتبر تشكيلة وخليط من العناصر، منها ما هو مكتسب الآن ومنها ما تم اكتسابه في حصص ماضية، عناصر تتجمع شيئا فشيئا لتمكن صاحبها من التحكم في بعض المواقف و الوضعيات.