بيداغوجيا الخطأ.. حالة من المعرفة الناقصة نتيجة لسوء فهم أو نتيجة لخلل في سيرورة التعليم والتعلم



بيداغوجيا الخطأ

يعتبر الخطأ التربوي احد أهم المفاهيم التي أضحت تتمتع بمكانة خاصة داخل المنظومة التعليمية خصوصا والفكرية عموما، وذلك بفضل اعتماد المجتمع الدولي لاتفاقية حقوق الطفل التي شكلت منعطفا انتقاليا هاما في تاريخ الأطفال بالانتقال من مستوى الاختيارات الفلسفية النظرية إلى مستوى الإكراهات القانونية الإلزامية ومن تم انبثقت فكرة حق الطفل في الخطأ إلى جانب حقوق أخرى كالحق في العيش الكريم وامتلاك أسرار خاصة به والاحتجاج على الظلم...

مفهوم الخطأ ودلالته التربوية بين التصور البيداغوجي التقليدي والحديث:

من هدا المنطلق الحقوقي الفسيح نتساءل حول مفهوم الخطأ ودلالته التربوية بين التصور البيداغوجي التقليدي والحديث، كما نتساءل عن أهم مصادره وأنواعه، ونتساءل إلى أي حد يمكن للخطأ إن يكون فاعلا في التعلم أي هل للخطأ وظيفة بيداغوجية ايجابية في مسار المتعلم الدراسي ام انه يظل عاملا من عوامل الافشال والارباك الصفي؟

وكيف يمكن للأستاذ الممارس أن يتعامل مع أخطاء تلاميذه وتصحيحها بيداغوجيا وجعلها أداة ايجابية داخل الممارسة الصفية؟

كلها إشكالات سنتطرق للإجابة عنها خلال العرض في محاولة للاقتراب أكثر من مفهوم الخطأ التربوي.

للخطأ قيمة معرفية:

وبتجاوز الخطأ يكون هذا الأخير قد أدى وظيفته البيداغوجية وساهم في تحقيق شرط التعلم، فالخطأ والصواب عنصران هامان في الممارسة الصفية خصوصا إذا ما تم استغلالهما الاستغلال السليم بإحداث المدرس لوضعيات من الصراع السوسيو معرفي لدى المتعلمين وزعزعة معارفهم السابقة وجعلها قابلة للخطأ قابلة للتكيف أمام الحقيقة.

من خلال التفصيل لمجمل الإشكاليات المطروحة علينا يتضح إن للخطأ قيمة معرفية لا تقل عن تلك التي للحقيقة.

فشل في مسار المعلم والمتعلم على السواء:

كما يتضح أن هذا المفهوم يتأرجح بين تصورين هامين الأول تقليدي، يعتبر الخطأ نقطة فشل في مسار المعلم والمتعلم على السواء، والثاني حديث، يرى في الخطأ قاطرة للعبور نحو المعرفة و الحقيقة.

كما يتضح بجلاء من خلال العرض الدور الهام الذي يمكن للخطأ ان يقوم به في اكتساب التعلمات وفي إغناء الممارسة الصفية.

كما نستشف الأثر الايجابي الكبير الذي يخلفه الخطأ في نفس المتعلم إذا ما تم إقناعه بحقه في ارتكابه، وبقيمة البحث عن أسبابه، وطرق علاجه وتصحيحه.

إننا نحن ومواقفنا وآراءنا في تجدد مستمر. فقد تعرضت تصوراتنا حول العديد من المفاهيم للتحول، فخطأ اليوم قد يصبح في الغد حقيقة في حياتنا.

وجزء كبير من حقيقة الأمس أضحى اليوم أخطاءا لأنه لم يعد يتوافق مع معطيات الحاضر. وبالتالي أصبح من البديهي تصحيحه والا ظللنا الطريق، وعشنا الحاضر أغرابا بسبب أخطائنا.

فإلى أي مدى نسهم كمربين في انتشال متعلمينا من ظلام أخطائهم إلى أنوار الحقيقة والصواب؟؟.