التنشيط في بيداغوجيا الكفايات.. الوصول إلى تحقيق بناء أو تصحيح أو تطوير القدرات المستهدفة بكل أنواعها لدى المتعلمين



بدءا، يجدر بنا تحديد مفهوم الطريقة في التدريس، إذ لا يقصد بالطريقة الخطوات المنهجية الممكن اعتمادها لتقديم الدرس كما هو معلوم في كل مادة من المواد الدراسية فحسب، وإنما يقصد بها أيضا، أسلوب العمل، والكيفية التي يمكن بها تنظيم واقتراح مختلف الوضعيات العليمية، من أجل تحقيق القدرات المستهدفة التي تمكن في النهاية، من تحقيق الكفاية أو الكفايات المطلوبة، مما يتطلب من المدرس الكثير من الخلق والإبداع والابتكار والاجتهاد، ليس فقط لكسر الجمود والروتين الذي قد يتولد مع الأيام، بل لأن هذا الأسلوب هو الذي يحقق الهدف أكثر من غيره.

ومن البديهي أن يكون المدرس على إلمام كاف بأساليب التنشيط الفعالة، وبدينامية الجماعات، فضلا عن معرفته بالكفايات المحددة ضمن المنهاج الدراسي، والقدرات التي تتفرع عنها، والتي ينبغي توجيه الجهود، إما لتحقيقها لدى المتعلم، أو تلك التي ينبغي تصحيحها، أو التي هي في حاجة إلى تطوير، مادام الغرض من التعليم لا يقتصر على نقل المعرفة، بل يتعداه إلى تنمية المهارات الفكرية، والسوسيوـ عاطفية، والحس حركية، وهو ما يعني مساعدة المتعلمين على تحصيل كفايات تكون في خدمتهم طوال حياتهم.

بناء على ذلك وانطلاقا منه، فإنه ينبغي لنا ـ وهو أمر مرغوب فيه في ظل بيداغوجيا الكفايات ـ أن نتمتع بنظرة أكثر شمولية فيما يرجع إلى اختيارنا للطريقة المناسبة لتقديم محتويات درس ما، ضمن وحدة دراسية، دون نبذ مطلق لتلك النظرة الإجرائية التي تم اكتسابها في ظل بيداغوجيا الأهداف بأبعادها المعروفة، وذلك لعدة اعتبارات موضوعية نذكر منها:
1- أننا لم نسمع لحد الآن من يصرح بوجود قطيعة بين النموذجين إلا لماما.

2- أن الحكم على كفاية ما أنها قد تحققت، لا يتم إلا عبر معاينة تجسيدها في إنجاز محدد سلفا يسمح بالملاحظة والتقويم.

3- أن الإنجازات في حقيقتها إنما هي سلسلة من الأهداف الإجرائية العملية السلوكية، عقلية، أو وجدانية عاطفية، أو مهارية حركية، تتآلف فيما بينها وتتكامل، لتظهر في النهاية على شكل إنجاز.

فاختيار الطريقة المناسبة كأسلوب للتنشيط، يبقى من الأهمية بمكان في ظل بيداغوجيا الكفايات، ولا بد من تمثلها في مكوناتها بشكل شمولي، ومقاربتها عمليا بمنهج مدروس، وذلك على مستوى المنهجية، والوسائل والأدوات المعينة، ومراعاة زمن ووثيرة تعلم الفئة المستهدفة، وطبيعة فضاء التعلم، وكذا استحضار هامش الخطأ الممكن، والتصور المسبق لسبل التعامل معه، ومواقع وخطوات التقويم ضمن سيرورة الدرس، إلى غير ذلك مما لابد من أخذه بعين الاعتبار عند اختيار طريقة في التدريس.

وقد يكون من باب السذاجة الاعتقاد بالاستقلالية التامة لكل طريقة عن أختها من الطرق الفعالة المشهورة وغيرها، أو التمسك بحرفيتها ومراحلها المقترحة.

فقد يتوقف تحليل مضمون ما، أو تطوير مهارة، أو تقديم استراتيجية معرفية معينة، أو غير ذلك، على الاستعانة بأكثر من طريقة واحدة حتى تصبح خبرة من خبرات المتعلم الدائمة، ترافقه طيلة حياته، أخذا بيده إلى الفاعلة في بناء مجتمعه، والمساهمة في تنميته.

وفي بيداغوجيا الكفايات، لا تستبعد أية طريقة من الطرق الفعالة، فكل طريقة تضمن الوصول إلى تحقيق |بناء|، أو تصحيح، أو تطوير القدرات المستهدفة بكل أنواعها لدى المتعلمين، يمكن اعتمادها بشكل كلي أو جزئي، على أن نجاح الطريقة لا يكون مضمونا إلا بشرطين اثنين:
1- معرفة المدرس بأهم أساليب حصول التعلم لدى متعلميه.
2- معرفته ببعض أهم الفروق الموجودة بينهم فطرة واكتسابا.